بسم الله الرحمن الرحيم
المظاهرة الأولى في مدينة دير الزور جامع عثمان بن عفان في حي المطار القديم 25-3-2011 من ذاكرتي بقلم ابو هشام؛ ما إن هبت نسائم الربيع العربي حتى تسمر ملايين العرب أمام شاشات التلفزيون وعلى صفحات الانترنت في ترقب حتى يزهر هذا الربيع , وكانت ثورة تونس اولى براعم الحرية فشحذت النفوس وعلت الهمم , فكنا نشعر بنشوة لا مثيل لها عندما نرى عبارة على شريط احد الأقنية أو على الجدران ضد أي نظام عربي وعلى رأسها النظام السوري, فكانت اول دعوة للتظاهر بتاريخ 4-2-2011 يوم الجمعة ولكن رأى البعض ان التنوع الديني في #سوريا يستلزم ان لا تنطلق #المظاهرات من المساجد على غرار من سبقنا من العرب (وكان هذا اول خلاف في صفوف المعارضين) , فتم الترويج ليكون أول يوم في التظاهر هو 5-2-2011 يوم السبت أمام البرلمان في حي الصاليحة , كي لا تأخذ الثورة اي صفة دينية , وبالفعل انطلقت في ذلك اليوم إلى مبنى مجلس الشعب فكان المكان على غير طبيعته اذ ان شارع الحمرا وسوق الألبسة في الصاليحة كان يكتظ بالناس وخصوصا في العطل إلا انه في هذا اليوم كان خاليا ولم اشاهد سوى سيارات الأمن المعروفة في سورية يجلس في كل واحدة اربعة أشخاص وعددهم بالمئات, حتى ان الكثير من المحلات التجارية اغلقت أبوابها على غير العادة, فاصبت بأحباط كبير وعدت إلى المنزل علني اجد في نشرات الاخبار ما يسر خاطري وكان تعليق الجزيرة في ذلك الحين نفس الذي رأيت ان شارع الحمرا كان خلا من تجاره وزبائنه. من شدة الخوف والرعب, فتسلل شك إلى نفسي ان الثورة لن تقوم في# سوريا , فتابع الشباب السوري على الفيس بوك يروجون لتاريخ تلو الآخر , فكانت مظاهرة سوق الحميدية عندما اعتدى شرطي على أحد التجار فتجمع الناس وبدأوا يهتوفون الشعب السوري ما بينذل , ورفض هذا التاجر ان يفض الإعتصام حتى يأتي وزير الداخلية وفعلا جاء فكانت اول طعنة في كبرياء هذا النظام المتجبر.
وفي تاريخ 17-3-2011 كان شباب درعا قد خططوا لأول تظاهرة في سوريا تنطلق من مسجد آخر غير الجامع العمري لتتجمع أمام العمري فيكبر العدد كانوا ينادون- فزعة فزعة ياحوران- صيحة ينتفض معها الدمع من عيني أين أهل الدير؟!, وفعلا نجحوا في ذلك وخصوصا انه قبل يومين كان عاطف نجيب رئيس فرع الأمن السياسي ابن خالة بشار الاسد كان قد أهان وجهاء درعا على خلفية قلع أظفار الطلاب الذين كتبوا على الجدران جاك الدوريا دكتور , كنت حينها في دمشق منتدبا من وزارة المالية إلى القيادة القطرية لحزب البعث طبعا ليس وفاءا للبعث ولا إيمانا بأي شيئ منه لأن السوريين جميعهم يعرفون ان العمل في هذا المكان وغيره من المنظمات الحزبية هو وسيلة لكسب لقمة العيش , فكان زملائي من درعا يحكون لي ان الدولة أرسلت بعشرات العناصر من حفظ النظام والأمن لقمع وتخويف أهل درعا ولا سيما بعد استشهاد يحيى عياش و الجوابرة فقال لي بالحرف الواحد احد الزملاء انهم يطلقون الرصاص بالهواء ليلا فيصاب الناس بالفزع ولا سيما انهم لم يعتادوا على هذا واضاف ان اهل درعا يعتقدون ان أهل دير الزور هم اول من ينصرهم وتحدثون بذلك في كل مكان وقد سمعت هذه العبارة من أكثر من صديق درعاوي وكل هذا كان في الأسبوع التالي لتاريخ 17-3-2011 فكنت اراقب نشرات الأخبار عسى اني أرى مظاهرة أو اعتصاما لنصرة اهل درعا ولكن للأسف لا حياة لمن تنادي , عوّل الكثيرين في ذلك الوقت على الأكراد انهم بتاريخ 21-3-2011 سيخرجون بشدة في عيد# النيروز ولكن خاب املنا .
في يوم الأربعاء الواقع بتاريخ 23-3-2011 ذهبت إلى دوامي كالمعتاد اذ كنت اعمل في شركة الأمين للبرمجيات إلى جانب عملي في القيادة القطرية لحزب البعث بدوام جزئي , ولم اكن في صباح ذلك اليوم احمل أي تصور انني سآتي إلى ديرالزور ,كانت الشركة بالقرب من كراج البولمان في حرستا بدمشق بعد ان فتحت الصفحات والمواقع الداعمة للثورة السورية والأخبار المحزنة التي اسمعها من زملائي عن درعا , قررت ونفذت وذهب إلى مصلى الشركة وصليت ركعتي استخارة وانطلقت إلى #ديرالزور , وصلت إلى بيت اختي اذ كان ابن اختي حمزة صالح العطيش العلو اتصل بي قبل يومين وقال لي نريدك وكنت اعرف ان الموضوع يتعلق بالثورة حيث كان هو خالد العمران اخي وباسل والعمران ابن عمي والكثير من الشباب يكتبون على الجدران عبارات معارضة, ولكن هذه العبارات لا تجدي نفعا اذ ان الثورة بعد مظاهرة درعا أخذت منحى جديد, ذهبت إلى أبو عبدالله عدنان عواد العمران , وكان من ضمن مجموعة من شباب# موحسن نتبادل الافكار منذ سنين على منتدى البوخابور وكنت اعرف من خلال كتاباتهم انهم جميعا يكرهون النظام وهذا قبل الثورة بكثير, فتوقعت انهم اول من يوافقني الرأي في الخروج في تظاهرة كبيرة في دير الزور .
لقيت أبو عبدالله عدنان عواد العمران فاتفقنا على ان ندعو لتظاهرة ولكن نستشير الشباب فعقدنا لقاءات متفرقة مع اغلب الشباب الذين خرجوا فقررنا ان تكون الدعوة للتظاهر على شكل بنية هرمية اي ان شخص واحد من المجموعة الأساسية ينطلق فيخبر مجموعة صغيرة في مكان ما في دير الزور او ريفها ولا يخبرهم بالمجموعات الأخرى وذلك تفاديا للإعتقال الجماعي في حال امسك جزء من المجموعات وكي نوحي للأمن ان التظاهرة عفوية شارك فيها كل الشعب,طبعا على مبلّغ المجموعة ان يقول ان هناك مظاهرة كبيرة ستخرج من جامع عثمان بن عفان الكائن في حي المطار القديم فقط وأنه قرأ هذا بالفيس بوك, وبالفعل تم تبليغ هذه المجموعات على مدار يوم الخميس ومساءه, وعقدنا اجتماعا نهائيا مساء الخميس في بيت خليل السمحي حضره أغلب الشباب وكان ابرز ما اتفقنا عليه انه اذا كان الوضع ملائما يكبر احدنا فننطلق نحن بالتكبير جميعا ونهتف للحرية ولدرعا وكنت قد وضعت بعض المطالب السياسية على ملف الكتروني ما ان نصل إلى الساحة المركزية بدير الزور حتى يقوم حمزة الذي يعمل بمكتبة قرطاسية بطباعة نسخ من هذه الملفات وتوزيعها على الناس كان ابرز ما كتبته في ذلك الملف هو المطالبة بتغيير الدستور وعلاقات ندية مع ايران ومكافحة الفساد واطلاق الحريات العامة وعدم تدخل الدولة واجهزة الامن بالدين والصحافة وحل حزب البعث وحرية تشكيل الاحزاب وزيادة عدد مقاعد مجلس الشعب , طبعا اتفقنا ايضا على أن نتوزع في المسجد على شكل مجموعات كي نوحي للناس ان جميع المسجد قام بالمشاركة وكل مجموعة تحتوي على شباب مسلحين بالسلاح الأبيض لان أبو محمد كان مساعدا في المخابرات اخبرني ان المخابرات تتوزع في المساجد ما ان يصيح احدهم حتى يقبضوا عليه ولذلك قررنا ان نحمي المكبرين اولا ولا نسمح لأحد باعتقالهم لان التصور الذي كان لدينا وعلى الرغم من سلمية مظاهرتنا وثورتنا كان التصور لدينا هو ان الامن سينكل بنا وسيقتلنا اذ انه هو الاعتقاد السائد لدى جميع السوريين وبالفعل هم هكذا وفي ذات المساء علم ابو عبدالله عدنان ان هناك تظاهرة كبيرة في السوق مؤيدة للنظام ذهبنا بسيارة ابو عبدالله نستطلع الأمر فكانت عبارة عن مظاهرة سيارات مما يبدو انها كبيرة ولكن لو نزلوا كأفراد ما اجتمع خمسين شخص او اكثر بقليل, في صباح يوم الجمعة جلسنا قبيل صلاة الجمعة في نفس المنزل ,منزل خليل السمحي وانطلقنا باتجاه المسجد وكنا ندعو الله سبحانه وتعالى ونسأله ان تكون هذه بمثابة غزوة في سبيله وان تكون لإعلاء كلمته.
اسندت ظهري على الجدار الغربي للمسجد وكان الشباب يدخلون تباعا كل واحد معه مجموعة من الشباب لا اعرفهم ادركت انهم من مجموعته فكنت اشير إليه بعيني او بيدي اين يجلس كي نتوزع بالمسجد لاني جئت باكرا من اجل هذا الغرض, كانت الخطبة في ذلك اليوم اطول خطبة سمعتها في حياتي وكان موضوعا عن الحلم وامساك الأعصاب, ما إن سلّم الإمام حتى انتفضت واقفا وصرخت بأعلى صوتي الله أكبر الله أكبر و علت صيحات التكبير من كل مكان وهتفنا بصوت واحد بالروح بالدم نفديك يا درعا كان المسجد يكاد يهتز من اصوات التكبير كان الصوت عاليا وكانت حماسة الشباب كبيرة جدا تجمعنا امام المسجد وتجمع الكثير من الناس الذين لا نعرفهم, سارت المظاهرة فكان هناك شاب يحمل بيده ورقة كان قد كتب فيها شعارات ابرزها – درعا درعا درعا تنادي وينك وينك يا ابن بلادي- ظننت في البداية انه احد الشباب الذين تم التنسيق معه ولكن تبين فيما بعد انه وحيد المطر من# موحسن كان قد خطط لوحده بالقيام بتظاهرة وهي ان يمسك المايكرفون من يد الإمام بعد الصلاة ويحفز الناس على التظاهر , طبعا سارت المظاهرة وكان الشباب قد حملوا وحيد على اكتافهم, امتلأت الاسطحة وشرفات المنازل بالمتفرجين وكنا نشير إليهم ان تعالوا التحقوا بنا فوصلنا دوار غسان عبود كان عليه شرطي مرور واحد على دراجة , فإذا بمجموعة من مؤيدي النظام يركبون سياراتهم وهناك سيارة شحن صغيرة فيها مجموعة من الشباب صغار السن والأولاد تهتف لبشار الاسد ولكن ما ان شاهدونا حتى هربوا عرفنا فيما بعد ان طه الحمادي امين فرع الحزب ارسل هذه الشاحانات لتجمع الأولاد من الشوارع لتهتف لبشار الاسد وللصدفة كان احد ابناء أبو عبدالله يركب باحد هذه الشاحات يهتف لبشار وأبو عبدالله احد أبرز مؤسسي التظاهرة في الطرف الآخر يهتف للحرية.
أتجهت المظاهر باتجاه شارع التكايا وعندها وصلت عشرات السيارات تحمل الأمن والشبيحة فدخلوا بيننا مدججين بالسلاح ولكن لم نخف منهم توقعوا ان نهرب ما ان نراهم ولكن ثبت الجميع وتابعنا قاموا بتكوين حائط بشري ولكنا تقدمنا كنا ندفعهم بأيدينا مع انهم كانوا يرتدون الجعب لم تفلح محاولاتهم جرت العديد من المحاولات من قبلهم ان يسحبوا من الشباب على الأطراف ولكن كنا نخلصهم من ايديهم وكان ابرز الشباب المتصدين لمحاولات الخطف الشهيد ابو الكنان مثنى عويد المطر رحمه الله كان يندفع لا يهاب الموت كلما حاول الأمن القبض على احد الشباب يندفع فيسحبه بكل شجاعة.
وصلت تعزيزات اخرى وكان عددهم يزداد :: اقتربنا من حارة المشتل كان هناك عشرات ضباط الشرطة, فبدأ بائعوا عربات الخضار في تلك الحارة بالهجوم علينا ورمونا بالخضار وحاول احدهم بضربي بمنشار على رأسي ولكن سبقت يد احد ضباط الشرطة فوضع يده امام رأسي واخذ المنشار, عندما كثر العدد صاح احد الشباب انسحاب فركض الشباب في الحارات الفرعية وركض خلفهم عناصر الأمن ولحسن الحظ ان الأمن جاء من كل الفروع وهم لا يعرفون بعضهم فعندما سكت الشاب عن الهتاف وانا منهم وقفنا بين الامن ولكن لم يقبضوا علينا لانهم لا يعرفون هل نحن منهم ام من المتظاهرين ,رأيتهم كانوا قد قبضوا على عمران العمران وهم يحاولون ادخاله في سيارة لهم ليأخذوه إلى الفرع ذهبت امشي مبتعدا عنهم واخذت سيارة اجرة باتجاه حي الرصافة ابعد نقطة عن المظاهرة خوفا من المطاردة
تعليقات
إرسال تعليق